قصيده سيف الدوله
واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
مالي أُكَتِّمُ حُبًّا قَد بَرى جَسَدي وَتَدَّعي حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ
إِن كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ
قَد زُرتُهُ وَسُيوفُ الهِندِ مُغمَدَةٌ وَقَد نَظَرتُ إِلَيهِ وَالسُيوفُ دَمُ
فَكانَ أَحسَنَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ وَكانَ أَحسَنَ ما في الأَحسَنِ الشِيَمُ
فَوتُ العَدُوِّ الَّذي يَمَّمتَهُ ظَفَرٌ في طَيِّهِ أَسَفٌ في طَيِّهِ نِعَمُ
قَد نابَ عَنكَ شَديدُ الخَوفِ وَاِصطَنَعَت لَكَ المَهابَةُ ما لا تَصنَعُ البُهَمُ
أَلزَمتَ نَفسَكَ شَيئًا لَيسَ يَلزَمُها ألا يُوارِيَهُم أَرضٌ وَلا عَلَمُ
أَكُلَّما رُمتَ جَيشًا فَاِنثَنى هَرَبًا تَصَرَّفَت بِكَ في آثارِهِ الهِمَمُ
عَلَيكَ هَزمُهُمُ في كُلِّ مُعتَرَكٍ وَما عَلَيكَ بِهِم عارٌ إِذا اِنهَزَموا
أَما تَرى ظَفَرًا حُلوًا سِوى ظَفَرٍ تَصافَحَت فيهِ بيضُ الهِندِ وَاللِمَمُ
يا أَعدَلَ الناسِ إِلا في مُعامَلَتي فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ
أُعيذُها نَظَراتٍ مِنكَ صادِقَةٍ أَن تَحسَبَ الشَحمَ فيمَن شَحمُهُ وَرَمُ
وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ
أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ
أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ
وَجاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي حَتّى أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ
إِذا نَظَرتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ مُبتَسِمُ
وَمُهجَةٍ مُهجَتي مِن هَمِّ صاحِبِها أَدرَكتُها بِجَوادٍ ظَهرُهُ حَرَمُ
رِجلاهُ في الرَكضِ رِجلٌ وَاليَدانِ يَدٌ وَفِعلُهُ ما تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ
وَمُرهَفٍ سِرتُ بَينَ الجَحفَلَينِ بِهِ حَتّى ضَرَبتُ وَمَوجُ المَوتِ يَلتَطِمُ
فَالخَيلُ وَاللَيلُ وَالبَيداءُ تَعرِفُني وَالسَيفُ وَالرُمحُ وَالقِرطاسُ وَالقَلَمُ
صَحِبتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ مُنفَرِدًا حَتّى تَعَجَّبَ مِنّي القورُ وَالأَكَمُ
يا مَن يَعِزُّ عَلَينا أَن نُفارِقَهُمْ وِجدانُنا كُلَّ شَيءٍ بَعدَكُم عَدَمُ
ما كانَ أَخلَقَنا مِنكُم بِتَكرُمَةٍ لَو أَنَّ أَمرَكُمُ مِن أَمرِنا أَمَمُ
إِن كانَ سَرَّكُمُ ما قالَ حاسِدُنا فَما لِجُرحٍ إِذا أَرضاكُمُ أَلَمُ
وَبَينَنا لَو رَعَيتُم ذاكَ مَعرِفَةٌ إِنَّ المَعارِفَ في أَهلِ النُهى ذِمَمُ
كَم تَطلُبونَ لَنا عَيبًا فَيُعجِزُكُمْ وَيَكرَهُ اللَهُ ما تَأتونَ وَالكَرَمُ
ما أَبعَدَ العَيبَ وَالنُقصانَ عَن شَرَفي أَنا الثُرَيّا وَذانِ الشَيبُ وَالهَرَمُ
لَيتَ الغَمامَ الَّذي عِندي صَواعِقُهُ يُزيلُهُنَّ إِلى مَن عِندَهُ الدِّيَمُ
أَرى النَوى تَقتَضيني كُلَّ مَرحَلَةٍ لا تَستَقِلُّ بِها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ
لَئِن تَرَكنَ ضُمَيرًا عَن مَيامِنِنا لَيَحدُثَنَّ لِمَن وَدَّعتُهُم نَدَمُ
إِذا تَرَحَّلتَ عَن قَومٍ وَقَد قَدَروا ألا تُفارِقَهُمْ فَالراحِلونَ هُمُ
شَرُّ البِلادِ بلادٌ لا صَديقَ بِهِا وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ
وَشَرُّ ما قَنَصَتهُ راحَتي قَنَصٌ شُهبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ وَالرَّخَمُ
بِأَيِّ لَفظٍ تَقولُ الشِعرَ زِعنِفَةٌ تَجوزُ عِندَكَ لا عُربٌ وَلا عَجَمُ
هَذا عِتابُكَ إِلا أَنَّهُ مِقَةٌ قَد ضُمِّنَ الدُرَّ إِلا أَنَّهُ كَلِمُ
قصيده وصف الحمى
مَلومُكُمـا يَجِـلُّ عَـنِ الـمَـلامِ " " وَوَقـعُ فَعالِـهِ فَـوقَ الـكَـلامِ
ذَرانـي وَالفَـلاةَ بِـلا دَلـيـلٍ " " وَوَجهـي وَالهَجيـرَ بِـلا لِثـامِ
فَإِنّـي أَستَريـحُ بِــذا وَهَــذا " " وَأَتعَـبُ بِالإِنـاخَـةِ وَالمُـقـامِ
عُيونُ رَواحِلي إِن حُرتُ عَينـي " " وَكُـلُّ بُغـامِ رازِحَـةٍ بُغـامـي
فَقَـد أَرِدُ المِيـاهَ بِغَيـرِ هــادٍ " " سِوى عَدِّي لَهـا بَـرقَ الغَمـامِ
يُـذِمُّ لِمُهجَتـي رَبّـي وَسَيفـي " " إِذا اِحتاجَ الوَحيـدُ إِلـى الذِمـامِ
وَلا أُمسي لِأَهـلِ البُخـلِ ضَيفًـا " " وَلَيسَ قِرىً سِـوى مُـخِّ النِعـامِ
فَلَمّـا صـارَ وُدُّ النـاسِ خِـبًّـا " " جَزَيـتُ عَلـى اِبتِسـامٍ بِاِبتِسـامِ
وَصِرتُ أَشُـكُّ فيمَـن أَصطَفيـهِ " " لِعِلمـي أَنَّـهُ بَـعـضُ الأَنــامِ
يُحِبُّ العاقِلونَ عَلـى التَصافـي " " وَحُبُّ الجاهِليـنَ عَلـى الوَسـامِ
وَآنَفُ مِن أَخـي لِأَبـي وَأُمّـي " " إِذا ما لَـم أَجِـدهُ مِـنَ الكِـرامِ
أَرى الأَجـدادَ تَغلِبُهـا جميـعًـا " " عَلـى الأَولادِ أَخـلاقُ اللِـئـامِ
وَلَستُ بِقانِـعٍ مِـن كُـلِّ فَضـلٍ " " بِـأَن أُعـزى إِلـى جَـدٍّ هُمـامِ
عَجِبـتُ لِمَـن لَـهُ قَـدٌّ وَحَـدٌّ " " وَيَنبـو نَبـوَةَ القَضِـمِ الكَـهـامِ
وَمَن يَجِدُ الطَريقَ إِلـى المَعالـي " " فَـلا يَـذَرُ المَطِـيَّ بِـلا سَنـامِ
وَلَم أَرَ في عُيوبِ النـاسِ شَيئًـا " " كَنَقصِ القادِريـنَ عَلـى التَمـامِ
أَقَمتُ بِأَرضِ مِصرَ فَلا وَرائـي " " تَخُبُّ بِـيَ المَطِـيُّ وَلا أَمامـي
وَمَلَّنِيَ الفِـراشُ وَكـانَ جَنبـي " " يَمَـلُّ لِقـاءَهُ فـي كُـلِّ عــامِ
قَليـلٌ عائِـدي سَقِـمٌ فُــؤادي " " كَثيرٌ حاسِـدي صَعـبٌ مَرامـي
عَليـلُ الجِسـمِ مُمتَنِـعُ القِـيـامِ " " شَديدُ السُكرِ مِـن غَيـرِ المُـدامِ
وَزائِرَتـي كَـأَنَّ بِهـا حَـيـاءً " " فَلَيـسَ تَـزورُ إِلّا فـي الظَـلامِ
بَذَلتُ لَها المَطـارِفَ وَالحَشايـا " " فَعافَتهـا وَباتَـت فـي عِظامـي
يَضيقُ الجِلدُ عَن نَفسـي وَعَنهـا " " فَتوسِـعُـهُ بِـأَنـواعِ السِـقـامِ
إِذا مـا فارَقَتـنـي غَسَّلَتـنـي " " كَأَنّـا عاكِفـانِ عَلـى حَــرامِ
كَأَنَّ الصُبـحَ يَطرُدُهـا فَتَجـري " " مَدامِعُـهـا بِأَربَـعَـةٍ سِـجـامِ
أُراقِبُ وَقتَها مِـن غَيـرِ شَـوقٍ " " مُراقَبَـةَ المَشـوقِ المُستَـهـامِ
وَيَصدُقُ وَعدُها وَالصِـدقُ شَـرٌّ " " إِذا أَلقاكَ فـي الكُـرَبِ العِظـامِ
أَبِنتَ الدَهـرِ عِنـدي كُـلُّ بِنـتٍ " " فَكَيفَ وَصَلتِ أَنتِ مِـنَ الزِحـامِ
جَرَحتِ مُجَرَّحًا لَـم يَبـقَ فيـهِ " " مَكـانٌ لِلسُيـوفِ وَلا السِـهـامِ
أَلا يا لَيتَ شَعـرَ يَـدي أَتُمسـي " " تَصَـرَّفُ فـي عِنـانٍ أَو زِمـامِ
وَهَل أَرمي هَـوايَ بِراقِصـاتٍ " " مُـحَـلّاةِ المَـقـاوِدِ بِالـلُـغـامِ
فَرُبَّتَما شَفَيـتُ غَليـلَ صَـدري " " بِسَـيـرٍ أَو قَـنـاةٍ أَو حُـسـامِ
وَضاقَت خُطَّةٌ فَخَلَصـتُ مِنهـا " " خَلاصَ الخَمرِ مِن نَسـجِ الفِـدامِ
وَفارَقـتُ الحَبيـبَ بِــلا وَداعٍ " " وَوَدَّعـتُ البِـلادَ بِـلا سَــلامِ
يَقولُ لي الطَبيـبُ أَكَلـتَ شَيئًـا " " وَداؤُكَ فـي شَرابِـكَ وَالطَعـامِ
وَمـا فـي طِبِّـهِ أَنّـي جَـوادٌ " " أَضَـرَّ بِجِسمِـهِ طـولُ الجِمـامِ
تَعَـوَّدَ أَن يُغَبِّـرَ فـي السَرايـا " " وَيَدخُـلَ مِـن قَتـامِ فـي قَتـامِ
فَأُمسِـكَ لا يُطـالُ لَـهُ فَيَرعـى " " وَلا هُوَ في العَليـقِ وَلا اللِجـامِ
فَإِن أَمرَض فَما مَرِضَ اِصطِباري " " وَإِن أُحمَمْ فَمـا حُـمَّ اِعتِزامـي
وَإِن أَسلَـم فَمـا أَبقـى وَلَكِـن " " سَلِمتُ مِنَ الحِمامِ إِلـى الحِمـامِ
تَمَتَّـع مِـن سُهـادِ أَو رُقــادٍ " " وَلا تَأمُل كَـرًى تَحـتَ الرِجـامِ
فَـإِنَّ لِثالِـثِ الحالَيـنِ مَعـنـىً " " سِوى مَعنـى اِنتِباهِـكَ وَالمَنـامِ
:cheers: :cheers: